الشفقة والرحمة بالآخرين مما يحبه الله ، ويرضاه لعباده ، قال صلى الله عليه وسلم : ( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) رواه أبو داود ، والترمذي ، وصححه الألباني ، والأصل في المؤمنين أنهم رحماء فيما بينهم ، أشداء على الكفار ، كما وصفهم الله بذلك، حين قال :{ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } (الفتح:29) .
ونبينا
صلى الله عليه وسلم ، له النصيب الأوفر من هذا الخلق العظيم ، ويظهر ذلك
واضحاً جلياً في مواقفه مع الجميع ، من صغير ، أو كبير ، ومن قريب ، أو
بعيد ، فكان يحمل تلك الرحمة والشفقة لولده ، ابتداءاً من ولادته إلى وفاته
، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ولد لي الليلة غلام ، فسميته باسم أبي إبراهيم ، ثم دعا النبي صلى الله
عليه وسلم بالصبي، فضمه إليه ، وقال ما شاء الله أن يقول ، قال أنس : لقد
رأيته وهو يكيد بنفسه - أي يجود بها في النزع الأخيرللموت- بين يدي رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فقال : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا ، والله يا
إبراهيم إنا بك لمحزونون) رواه مسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم ، يحمل الرحمة والشفقة لأحفاده ، ففي الصحيحين أنه (كان يصلي ، وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها) .
ولما
أرسلت إليه إحدى بناته صلى الله عليه وسلم ، عند وفاة صبي لها ، ودفعت به
إليه ، وهو يلفظ أنفاسه، وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم في حجره ، وأشفق
عليه ، ( ففاضت عيناه ، فقال له سعد : يا رسول الله ما هذا ؟ قال : هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) رواه البخاري ومسلم .
ومن مظاهر شفقته ورحمته صلى الله عليه وسلم، أنه كان يخفف في صلاته ولا يطيلها عند سماع بكاء صبي ، فعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي ،فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشق على أمه) رواه البخاري ومسلم.
ومن
مظاهر رحمته وشفقته كذلك ، أنه يحمل الأطفال ، ويصبر عليهم ، ويتحمل
الأذى الناتج عنهم ، ويعلم الأمة دروساً عظيمة في هذا الجانب المهم ، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: ( أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء ، فأتبعه إياه) رواه البخاري.
وقد عرف الصحابة الكرام هذا الخلق من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولمسوه ، وأحسوا به في تعاملهم معه ، فعن مالك بن الحويرث قال:
( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي ، فأقمنا عنده عشرين
ليلة ، وكان رحيما رفيقا ، فلما رأى شوقنا إلى أهالينا ، قال : ارجعوا ،
فكونوا فيهم ، وعلموهم ، وصلوا ،فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ،
وليؤمكم أكبركم) رواهالبخاري.
هذه
بعض شمائله صلى الله عليه وسلم العظيمة ، وخلقه الكريمة ، وصفاته الجليلة
، والتي ينبغي على أتباعه الاقتداء به فيها ، والسير على طريقه ، والتخلق
بأخلاقه ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
موقع مقالات اسلام ويب